الأشياء الصغيرة (2025)

July 15, 2025

فيلم The Little Things (2025) يُعتبر إضافة مبهرة إلى عالم الإثارة النفسية والجريمة، حيث يعود إلينا النجم دنزل واشنطن في دور المحقق جو “ديك” ديكون، وهو شرطي سابق عُرف بحدسه الاستثنائي ولكنه يعيش في ظلال الماضي. تدور أحداث الفيلم في لوس أنجلوس، حيث يتم استدعاؤه للمساعدة في سلسلة جرائم قتل غامضة تهز المدينة من جديد. ومع وجود عناصر مقلقة تتقاطع مع قضية قديمة لم تُحلّ، يجد ديك نفسه يواجه ليس فقط القاتل، بل أشباح ماضيه التي تلاحقه.

الفيلم يتميز ببنية سردية مشوقة، حيث يأخذنا المخرج جون لي هانكوك في رحلة معقدة عبر طبقات النفس البشرية. كل تفصيل صغير يحمل أهمية كبيرة، وكل نظرة أو صمت يحمل في طياته الكثير من الغموض. العمل ينجح في إثارة تساؤلات حول الخط الفاصل بين الصواب والخطأ، والعدالة والانتقام، مما يمنح المشاهد تجربة فكرية مكثفة تتعدى حدود التشويق السطحي المعتاد في أفلام الجريمة.

إحدى النقاط القوية في الفيلم هي العلاقة المركبة بين ديك والمحقق الشاب جيم باكستر (يقوم بدوره رامى مالك). رغم الفارق بين أساليبهما وخبرتهما، تتشكل بينهما شراكة غير مستقرة تعكس توتراً داخلياً متزايداً مع تصاعد التحقيقات. ومع ظهور المشتبه به الرئيسي، ألبرت سبارما (جاريد ليتو)، يتحول الفيلم إلى لعبة عقلية خطيرة تُظهر هشاشة العدالة أمام التعقيدات الأخلاقية.

جاريد ليتو يقدم أداءً خلاباً بشخصية سبارما، المشبوه الغامض الذي يثير في كل مشهد أسئلة أكثر مما يجيب. قدرته على جعل المشاهد يتأرجح بين الشك واليقين، تجعله عنصراً أساسياً في ترسيخ الجو المشحون بالتوتر. تعابيره الغامضة وحركاته البطيئة تجبرك على مراقبته بتركيز، دون أن تتمكن من حسم براءته أو إدانته حتى اللحظة الأخيرة.

الموسيقى التصويرية التي ترافق الفيلم، إلى جانب الإضاءة الباهتة وزوايا التصوير المظلمة، تضفي عمقاً بصرياً ونفسياً يزيد من وقع التوتر. المشاهد الليلية في شوارع لوس أنجلوس تنقل الإحساس بالوحدة والانفصال، وهو ما يعكس الحالة الذهنية لشخصيات الفيلم، التي تبدو جميعها منهكة من ماضٍ يرفض أن يُنسى.

The Little Things (2025) ليس مجرد فيلم جريمة تقليدي، بل هو تأمل عميق في طبيعة الإنسان وما يخفيه تحت سطحه من أسرار وصراعات. إنه فيلم يُبقيك مشدوداً حتى آخر لحظة، ويدفعك للتساؤل: هل التفاصيل الصغيرة التي نتجاهلها هي التي تصنع الحقيقة… أم تُخفيها إلى الأبد؟