العائد ٢: البرية (٢٠٢٥)

August 7, 2025

العائد ٢: البرية (٢٠٢٥) هو تتمة طال انتظارها للفيلم الأسطوري الذي أسر قلوب الملايين حول العالم. تدور القصة هذه المرة في برية أكثر وحشية وقسوة، حيث يعود البطل، هيو غلاس، في مغامرة جديدة لا تقل إيلاماً وعمقاً عن رحلته السابقة. بعد أن نجا من الموت وأعاد بناء حياته، يجد نفسه مجبراً على العودة إلى الطبيعة القاسية التي كادت أن تقتله، ولكن هذه المرة بدافع الانتقام من أولئك الذين دمروا ما تبقى له من أمل.

يبدأ الفيلم بمشهد صادم، حيث يُحرق معسكر الصيادين على يد مجموعة غامضة من المرتزقة تسعى إلى السيطرة على الأراضي البرية الغنية بالفراء. ينجو هيو بأعجوبة، ويكتشف أن من يقود هذه الجماعة هو عدو من ماضيه اعتقد أنه مات منذ زمن. من هنا تبدأ رحلة جديدة، مشبعة بالغضب والذكريات، في قلب الغابات المتجمدة والجبال الوعرة.

الجانب الإنساني في الفيلم لا يقل قوة عن المشاهد البصرية. يُظهر “العائد ٢” كيف يمكن للروح البشرية أن تقاوم رغم الجراح الجسدية والعاطفية. هيو، هذه المرة، لا يسعى فقط للبقاء على قيد الحياة، بل للعثور على معنى للمعاناة التي مر بها. خلال رحلته، يلتقي بشخصيات جديدة، من ضمنهم امرأة من السكان الأصليين تساعده وتعيد إليه بعضاً من إيمانه بالخير وسط هذا الظلام.

الإخراج السينمائي يأسر الأنفاس، بتصوير طبيعي مذهل يعكس برودة وجمال البرية بنفس الوقت. تنقل الكاميرا إحساساً واقعياً بالغربة، الوحدة، والخطر المتربص في كل زاوية. أما الموسيقى التصويرية فهي أكثر نضجاً وعمقاً من الجزء الأول، تضيف طبقة من العاطفة والتوتر لا تنفصل عن السرد البصري للفيلم.

الأداء التمثيلي مذهل كالمتوقع. يعود النجم ليوناردو دي كابريو لتجسيد شخصية هيو بأسلوب يمزج بين القوة والانكسار. التعبير في عينيه، تعابير وجهه، وحتى صمته في كثير من المشاهد، كلها تروي قصة كاملة من الألم والعزم دون الحاجة لكلمات. كما يبرز في الفيلم خصم جديد يجسد الشر المعقد، ويمنح التوتر أبعاداً درامية عميقة.

العائد ٢: البرية ليس مجرد فيلم مغامرات أو بقاء على قيد الحياة، بل هو تأمل سينمائي في معنى الألم، الفقدان، والانتقام. إنه ملحمة إنسانية تُظهر أن أقسى معارك الإنسان ليست دائماً مع الطبيعة، بل مع ذاته، مع ذكرياته، ومع ظلال ماضيه التي لا تختفي بسهولة. هذه التجربة السينمائية تثبت مرة أخرى أن بعض الجروح لا تُشفى، بل تُشكلنا من جديد.