كولومبيانا ٢ (٢٠٢٥)
July 12, 2025
فيلم “Colombiana 2” يعود بقوة في جزءٍ ثانٍ طال انتظاره، ويأخذنا في رحلة أكثر ظلمة وعمقًا في عالم الجريمة والانتقام. زوي سالدانا تعود بدور كاتاليا ريستريبو، القاتلة المأجورة التي تحولت إلى أسطورة في أوساط الجريمة، وهذه المرة، المواجهة ليست فقط مع المافيا، بل مع ماضيها، وجذورها التي لطالما حاولت الهرب منها. الفيلم يبدأ بمشهد مذهل بصريًا حيث تقوم كاتاليا بتنفيذ عملية جريئة في قلب مدينة نابولي الإيطالية، وتدفعنا منذ اللحظة الأولى إلى حافة مقاعدنا.

القصة تتطور بشكل معقد ومدروس، حيث تتلقى كاتاليا رسالة غامضة تتعلق بوالدتها التي اعتقدت أنها ماتت منذ زمن بعيد. تبدأ رحلة البحث، ليس فقط عن الحقيقة، بل عن العدالة، والهوية المفقودة. تتنقل بين مدن عالمية، من بوغوتا إلى باريس، ومن بيروت إلى مكسيكو، حاملة مسدسها في يد، ودموعها في العين الأخرى. في هذا الجزء، نكتشف جانبًا أكثر إنسانيًا منها، يجعلنا نتعاطف معها أكثر مما نخاف منها.
الإخراج الذي تولاه مخرج فرنسي شاب يظهر براعة هائلة في تنسيق مشاهد الأكشن مع اللحظات العاطفية. لا يتم التركيز فقط على الدماء والانفجارات، بل على الصراعات النفسية الداخلية التي تعيشها البطلة. التصوير السينمائي متقن، زوايا الكاميرا تتابع كاتاليا كأنها ظلها، والموسيقى التصويرية تعزف على أوتار التوتر والعاطفة في آنٍ معًا.
الأداء التمثيلي لزوي سالدانا يستحق الوقوف له احترامًا، إذ أنها نجحت في إعادة تجسيد شخصية كاتاليا بشكل أكثر نضجًا وتعقيدًا. نراها قاتلة محترفة، ولكنها أيضًا امرأة تائهة تبحث عن معنى حياتها. الدعم التمثيلي من الشخصيات الثانوية مثل العميل السري الفرنسي الذي يطاردها بدافع الحب والواجب، يضيف طبقات جديدة إلى القصة ويمنح الفيلم ثراءً دراميًا رائعًا.
السيناريو مشحون بالحوار القوي والمواقف غير المتوقعة، ولا يخلو من لحظات صمت تخبر أكثر من ألف كلمة. الحبكة تتشابك بأسلوب بوليسي ذكي، بحيث يبقى المشاهد في حالة ترقب دائمة. النهاية تحمل مفاجأة غير متوقعة، تترك الجمهور في حالة من الذهول، وتفتح الباب على مصراعيه لاحتمال جزء ثالث قد يكون الأضخم في السلسلة.
“Colombiana 2” ليس فقط فيلم أكشن، بل هو قصة عن الألم، والفقدان، والبحث عن الذات. إنه فيلم لا يُنسى، سيبقى محفورًا في ذاكرة كل من يشاهده، ويؤكد مرة أخرى أن كاتاليا ريستريبو ليست مجرد قاتلة… بل هي روح مشتعلة بالعدالة في عالم يغرق في الظلم.
